بينات من الآيات
صفات الكفار
1/ نقص العهد :
[25] [ و الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ]
مـن ابرز صفات الكفار نقض عهد الله ، و من ينقض عهد الله فهو لا يحترم نفسه ، و من لا يحترم نفسه لا يحترم الآخرين ، و أخيرا فهو يتحدى الله و يخالف أمره ، و عندما ينقض الانسان عهده فان ذلك لا يجعل حياته مرسومة ضمن خطة بعيدة المدى ، بل تكون أعماله مجردردود أفعال لا أكثر أو بمعنى آخر انعكاس لظروف متغيرة ، و العهد عهدان : عهد مع الله أخذه الله على الانسان في عالم الذر ، و العهد الثاني : عهد مع الآخرين أشهد الله عليه ، فنقضك عهدك مع الله كفر ، و نقضك عهدك مع الناس لؤم .
2 / قطع الرحم :[ و يقطعون ما أمر الله به أن يوصل ]
يقطعون أرحامهم أو رحم أهل بيت الوحي كما سبق ذكره .
3 / الفساد في الأرض :
[ و يفسدون في الأرض ]
بنشر الفساد ، و هناك معنى آخر نستوحيه : انهم يفسدون بيئة الارض ، و هذه حالة الكفار فهم ينتقمون من الطبيعة ، و ما الاسلحة الاستراتيجية و الميكروبية الا دليل على نشر الدمار كما ان تلويث البيئة الطبيعية دليل نشر الفساد .
[ أولئك لهم اللعنة ]
اللعنة الطرد و الابعاد عن رحمة الله في الدنيا .
[ و لهم سوء الدار ]
بالاضافة الى طردهم من رحمة الله في الدنيا ، اذ يعيشون القلق ، فلهم سوء الدار .
ملاحظتان :
الملاحظة الاولى : ان الصفات الحسنة كما الصفات السيئة أخوات ، فالصفة الحسنة تجر و راءها صفات أخرى حسنة مثلها ، كما ورد في معنى الحديث :
" اذا رأيت من أخيك اكرومة حسنة فانتظر مثيلاتها "و هكذا الصفات السيئة .
اما لماذا ذلك ؟ فلان الصفة الحسنة مصدرها نفسية حسنة و هذه النفسية الحسنة تعطي بدورها صفات حسنة اخرى ، و العكس صحيح ، فلذلك فان الله يسوق الصفات الحسنة مع بعضها ، و الصفات السيئة مع بعضها .
الملاحظة الثانية : ان للانسان أربع علاقات :
1- علاقته مع ربه .
2- علاقته مع نفسه .
3- علاقته مع الناس .
4- علاقته مع الطبيعة .
و علاقة الكافر بهذه الاصناف مقطوعة أو هي علاقات سلبية ، فعلاقتــه مع ربه مقطوعة ، كما قال : " و الذين يقطعون ما أمر الله به ان يوصل " . و علاقته مع نفسه مقطوعة اذ أنه لا يحترمها و علاقته مع الناس كذلك كما قال سبحانه : " و الذين يقطعون ما أمر به الله ان يوصل " و علاقته مع الطبيعة سلبية كما قــال : " ويفســـدون في الأرض " .
و ما الحياة الدنيا في الآخرة الا متاع :
[26] [ و الله يبسط الرزق لمن يشاء و يقدر ]
ان الله يوسع الرزق على من يشاء من عباده برحمته و يضيق عمن يشاء بحكمته .
و قد يشاء الانسان الدنيا فيبسط الله الرزق له ، كما قال : " و من يرد ثواب الدنيا نؤته منها و من يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين " ( 145 / آل عمران )و قد يبسط الله الرزق للانسان بعد ابتلائه ليأخذه على حيــن غرة كما قال : " و لقد أرسلنا الى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء و الضراء لعلهم يتضرعون * فلو لا اذ جاءهم بأسنا تضرعوا و لكن قست قلوبهم و زين لهم الشيطان ما كانوا يعملون * فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى اذا فرحوا بما أوتوا أخذنـاهم بغتة فاذا هم مبلسون " ( 42 - 44 / الانعام )اما نعم الله على الانسان فبالاضافة الى ما سبق ربما تكون عذابا كما جاء في الحديث :
" ان العبد ليحرم الرزق لذنب أذنبه "
و ربما يكون إمتحانا و أخيرا اذا قتر عليك الرزق فلا تيأس من روح الله ، كما لا تعجب بما اتاك الله فقد يسلبه منك .
وان من حكمة الله سبحانه أيضا انه يهيء الدنيا للكافر ليلهو عن الحق ، و يبتعد عن الرسالة ، فالدنيا كما جاء سجن المؤمن و جنة الكافر .
[ و فرحوا بالحياة الدنيا ]
الفرح هو حالة الاشباع النفسي ، مثل الطفل تشبع نفسه بمجرد حصوله على لعبة يريدها فبعض الناس تكون نفوسهم ضيقة تشبع بمجرد ان تواتيها الدنيا ، فالانسان الذي تشبع نفسه يغفل عن مسؤوليته ، و لا يجد للالتزام داعيا .
[ و ما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع ]
المتاع هي الكماليات مما ليس ضروريا ، حيث يمكن الاستغناء عنها او الاستعاضة بغيرها اذا اهترأت .. بلى إن الحياة مزرعة الآخرة ، هنا عمل بلا حساب ،و هناك حساب بلا عمل .
ان الذي يعلم بأنه محتاج الى الله يجب عليه أن يرتبط معه .
يحكى ان ملكا كان يخوض حربا ضروسا ، فنذر نذرا : ان هو انتصر ليزيدن في اجر الجند ، فبعد ان انتصر قدر المبلغ فوجده كبيرا ، فأراد ان ييخلف نذره ، فاستقر رأيه أخيرا ان يحتكم لدى أول من يدخل عليه ، فبينما هو جالس في مجلسه اذ دخل عليه اعرابي فاحتكم اليه، فقال له الاعرابي : ان كنت ترى انك لن تحتاج الى ربك فلا تف بنذرك معه ، و ان كنت ترى انك ستحتاج اليه فاوف بنذرك معه ، فرأى الملك انه محتاج الى الله في كل لحظة ، فوفى نذره .
كيف يطمئن القلب :
[27] [ و يقول الذين كفروا لو لا أنزل عليه آية من ربه ]الانسان الذي يريد النظر يكفيه البصيص من النور ، اما الذي لا يريد ان يبصر فضوء الشمس لا يكفيه .
[ قل إن الله يضل من يشاء و يهدي إليه من أناب ]
يريد الانسان الهداية فيهديه الله ، و يريد الضلالة فيمد الله له في ضلالته و هذا واضح من الاسم الموصول من الذي يطلق للعاقل .
[28] [ الذين آمنوا و تطمئن قلوبهم بذكر الله ]
الاطمئنان : السكون و الاستقرار .
و القلب المطمئن هو نفسه النفس المطمئنة كما قال سبحانه في آخر سورةالفجر : " يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي الى ربك راضية مرضية فأدخلي في عبادي و أدخلي جنتي " و ذكر الله هو مطلق توجه الانسان لله .
[ ألا بذكر الله تطمئن القلوب ]
في زحمة الحياة و مع تراكم الاعمال ، و مع جو الارهاق و العمل ، و اثناء القلق النفسي الذي يعصف بالكثيرين تركن النفس و تطمئن لذكر الله ، و حري بنا ان نعالج مشاكلنا النفسية بذكر الله لأنه انجح علاج يمكن ان يستفيد منه الانسان و خاصة في هذا الزمن ، زمنالتيارات و الصراعات التي يغذيها الاستعمار شرقه و غربه .
[29] [ الذين آمنوا و عملوا الصالحات طوبى لهم و حسن مآب ]في الدرس السابق بعد ذكر صفات المؤمنين ذكر مصيرهم بقوله : " أولئك لهم عقبى الدار * جنات عدن يدخلونها و من صلح من آبائهم و ازواجهم و ذرياتهم و الملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم فنعم عقبى الدار " .
اما الآن فيذكر مصيرهم بأن لهم طوبى و حسن مآب . و لعل المراد من الطوبى الحياة الأعظم طيبا .
و هذا يدلل لنا بأن للمؤمنين في الجنة في كل يوم صنف جديد من النعيم ، فــلا هم يملون ، و لا الله يقتر عليهم .